المبادرات التنظيمية والمشاركة في البنية التحتية
في مارس 2025، قامت الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات (ANRT) بإدخال إطار تنظيمي شامل يلزم شركات الاتصالات بمشاركة بنيتها التحتية الخاصة بالألياف البصرية. تهدف هذه المبادرة إلى تعزيز المنافسة العادلة وتسريع نشر الإنترنت عالي السرعة وتحسين جودة الخدمة في جميع أنحاء البلاد. سيتم تصنيف الشركات إلى فئتين رئيسيتين:
- المشغلين البنية التحتية: وهم الذين يتحملون مسؤولية نشر شبكات الألياف البصرية وتقديمها لبقية المشغلين وفقًا لشروط شفافة وغير تمييزية.
- المشغلين التجاريين: الذين يستخدمون هذه الشبكات لتقديم خدمات الإنترنت للمستهلكين.
يتوقع أن يساعد هذا التنظيم في خفض تكاليف الوصول إلى الإنترنت وتحقيق تغطية أفضل في المناطق النائية، وبالتالي تحسين سرعة الإنترنت وجودتها. مع زيادة التعاون بين الشركات المختلفة، من المتوقع أن تتحسن الخدمات بأسعار معقولة، وهو ما سيعود بالفائدة على المستهلكين بشكل ملحوظ.
المنافسة في السوق وتوسع خدمات الألياف البصرية
شهدت السوق المغربية لخدمات الإنترنت الثابت نموًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت أعداد المستخدمين من حوالي 1.6 مليون في 2019 إلى أكثر من 2.2 مليون مستخدم في منتصف 2023. يعزى هذا النمو بشكل رئيسي إلى التحول من الإنترنت عبر تقنية ADSL إلى الإنترنت عبر الألياف البصرية (FTTH/B).
المشغلون الرئيسيون في السوق مثل "اتصالات المغرب" و"إينوي" و"أورنج" بدأوا في تقديم خدمات الإنترنت عبر الألياف البصرية منذ عام 2018، مما جعل المنافسة تزداد حدة، وبالتالي أدى إلى تحسين الأسعار والخدمات. شركات الاتصالات تسعى لتقديم خدمات بسرعات متنوعة تبدأ من 20 ميغابت في الثانية، مما يتيح للمستهلكين الاختيار بين باقات متعددة تتناسب مع احتياجاتهم.
بحلول منتصف 2023، كانت الشركات البديلة مثل "إينوي" و"أورنج" قد استحوذت على حوالي 52.69% من سوق الألياف البصرية في المغرب، وهو ما يعزز التنافس ويساهم في تحسين جودة الخدمة المقدمة للمستهلكين.
استثمارات ضخمة في البنية التحتية الرقمية
أعلنت "أورنج المغرب" في يونيو 2023 عن استثمار حوالي 5.69 مليار درهم (حوالي 575.6 مليون دولار أمريكي) على مدار ثلاث سنوات لتحسين البنية التحتية الرقمية في البلاد. تستهدف هذه الاستثمارات توسيع شبكات 4G و5G، بالإضافة إلى نشر الألياف البصرية في مختلف أنحاء المملكة.
تهدف هذه الاستثمارات إلى تلبية الطلب المتزايد على الإنترنت عالي السرعة، ودعم جهود الحكومة المغربية في الرقمنة وتعزيز الاقتصاد الرقمي. هذه الاستثمارات تعكس الأهمية الاستراتيجية التي توليها شركات الاتصالات للمغرب كمحور رقمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
التوقعات المستقبلية وأسعار الإنترنت
من المتوقع أن تسهم هذه الجهود في تقليل تكاليف الإنترنت بشكل تدريجي، مع التوسع في شبكة الألياف البصرية. التنافس بين الشركات، إلى جانب التحسينات في بنية الشبكة، سيسهم بشكل كبير في خفض الأسعار، حيث سيستفيد المستهلكون من خدمات الإنترنت بأسعار أكثر تنافسية مع تقديم سرعات أعلى.
كما يتوقع أن تشهد الأسعار انخفاضًا بشكل ملموس في ظل الخطط التي وضعتها الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، والتي تهدف إلى تحسين مستويات الخدمة وزيادة جودة الإنترنت في جميع أنحاء المغرب. مع دخول مزيد من الشركات إلى السوق ودخول بنية تحتية متطورة، من الممكن أن تتوافر باقات الإنترنت بسرعات أعلى وأسعار أكثر تنافسية في المستقبل القريب.
الخلاصة
يُتوقع أن يشهد سوق الإنترنت عبر الألياف البصرية في المغرب انخفاضًا ملحوظًا في الأسعار وتحسنًا كبيرًا في الخدمة خلال الفترة المقبلة. المبادرات التنظيمية التي تشجع على مشاركة البنية التحتية والمنافسة بين الشركات، إلى جانب الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية الرقمية، ستكون المحركات الرئيسية لهذا التغيير. مع تقدم هذه العمليات، سيحظى المستهلكون في المغرب بخدمات إنترنت أسرع وأكثر تكلفة تنافسية، مما يعزز الاقتصاد الرقمي ويزيد من قدرة البلاد على التكيف مع التحديات الرقمية في المستقبل.